الهجرة الغير نظامية، الحظ أو الفرار لضمان البقاء في أوروبا
"المصاعب التي يمكن أن تواجه المهاجر الغير نظامي لدى وصوله إلى إيطاليا وأهم الإجراءات"

لا يمكن أن نختلف حول المصاعب وخطورة الهجرة الغير نظامية عبر البحر الى السواحل الايطاليّة، مخاطر تنطلق بالتواصل مع المهرّبين، وأغلبهم من المتحيّلين وأصحاب السوابق العدلية، حتى الصعود على متن قوارب الموت المتهالكة، إن لم يتعرّض المهاجر إلى التحيّل وسلب أمواله وهاتفه الجوال، حتّى التغوّل في البحر الأبيض المتوسّط على أمل الوصول إلى الهدف المنشود في جزيرة لمبادوزا أو العثور على القارب من قبل فرق الإنقاذ الايطالية.
سجلت ايطاليا هذه السنة زيادة في عدد المهاجرين اليها وبلغ عدد الوافدين 49 ألف و280 شخصا من أوت 2020 الى جويلية 2021 بزيادة قدرت بــ128 بالمائة بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الفارطة، وتسجل تونس ثاني نسبة من المغادرين نحو ايطاليا بنسبة 35,9 بالمائة فيما تحتل ليبيا المرتبة الأولى بــ45,3 بالمائة من المغادرين من جنسيات مختلفة.
ويعيش أكثر من 3,8 مليون أجنبي في إيطاليا بشكل قانوني بعد تسوية وضعياتهم وهي نسبة أقل من السنوات الفارطة رغم ارتفاع نسق الهجرة غير النظامية هذه السنة بسبب توجّه المجاهرين لدول أوروبية مجاورة كألمانيا وفرنسا وعدم بقائهم في ايطاليا بسبب تراجع مواطن الشغل فيها وانخفاض الأجور بسبب وفود اليد العاملة السلوفينية البخسة الى ايطاليا، وتم اسناد تصاريح للعمل المستقل وتصاريح تتعلق بوضعيات عائلية والدراسة وحالات خاصة لعدد كبير من المهاجرين من جنسيات مختلفة ومنها التونسية.
يمر المهاجر نحو ايطاليا بمصاعب قبل الوصول الى ايطاليا، وبوصوله للنقاط الساخنة تنطلق رحلته الكبرى مع المصاعب والانتظار، يتم في البداية تجميع المهاجرين في نقاط ساخنة وتسجيلهم ورفع بصماتهم في جزيرة لامبادوزا وبعض المرافئ الأخرى، ويتم استجوابهم حول أسمائهم وبلدانهم الأصلية وأسباب الهجرة الى ايطاليا والوسيلة التي اعتمدوها في ذلك ومن ساعدهم على ذلك.
ويعتبر هذا الاستجواب مهم بالنسبة للمهاجر فهو المحدد لمستقبله في اوروبا، ويُعتبر المهاجر بسبب الوضع الاقتصادي مهاجر غير قانوني أما طالب اللجوء بسبب وضع سياسي أو أمني فيتم التعامل معه بشكل واجراءات خاصة لتمكينه من اللجوء أو تحديد الدولة المانحة لذلك, بعد تسجيل المهاجرين يخضعون للحجر الصحي الاجباري، وهي مهمة تتكفل بإدارتها منظمة الصليب الأحمر.
ويتم تجميع المهاجرين في سفن لمدة عشرة أيام، ويمكن التمديد في المدة إذا تم اكتشاف مصابين بالكورونا من بين المهاجرين، ويُستثنى القُصّر من هذا الإجراء ويمضون فترة الحجر الصحي في مراكز مخصصة على البر, يتم اثر ذلك توجيه المهاجرين لمراكز الايقاف استعدادا لترحيلهم ونظرا للضغط الكبير وطاقة الاستيعاب المحدودة في هذه المراكز في بعض الفترات يُتم تسريحهم ويُطلب منهم مغادرة البلاد خلال سبعة أيام، وهي الفُرصة الأسلم والأفضل بالنسبة للمهاجر الذي يتصل فورا بالأقارب أو الأصدقاء من أجل نقله للحدود نحو فرنسا أو توفير مكان للاقامة والعمل في احدى الضيعات الفلاحية في انتظار تسوية وضعيته عبر الزواج من ايطالية أو عبر امضاء عقد عمل هناك.
أما الوافدون على مراكز الترحيل، فلا أمل لهم للنجاة من الترحيل الاّ الهرب من المركز باعتماد حيل مختلفة، ولعلّ أهمها التعرّض لجرح غائر أو شرب مادة سامة ليتم نقل المهاجر للمستشفى حيث تنخفض الحراسة وتكون عملية الفرار أنجع, بين أوت ونوفمبر 2020 تمكن السلطات الايطالية من ترحيل 1500 تونسي من اراضيها، ولكن الاجراءات المشّددة للايطاليين والحملات الكبيرة للتصدي للظاهرة في تونس لم يوقف نزيف الهجرة، علّ الحلول التنموية أكثر نجاعة من الحلول الأمنية، لكن تبقى صحّة الفرضيّة في انتظار التّجربة.
بقلم نزار بن حسن